Incarnate

فيلم Incarnate الصادر عام 2016 يُقدّم نفسه كعمل رعب بطابعٍ مختلف، إذ يتناول موضوع “طرد الأرواح” بأسلوب أقرب إلى الخيال العلمي منه إلى الروحانيات الدينية المعتادة. بطل الفيلم هو الدكتور سيث إمبر، رجل معاق جسديًا يعيش بين التكنولوجيا والكوابيس، لكنه يمتلك قدرة فريدة: لا يطرد الأرواح بالصلوات، بل يدخل إلى عقول الممسوسين أنفسهم، يغوص في عوالمهم العقلية، ويحاول تحريرهم من الداخل. ومن خلال هذه الرحلة، يتضح أن هدفه الحقيقي ليس مجرد المساعدة، بل الانتقام من كيان شيطاني بعينه كان مسؤولًا عن مأساة شخصية تركت ندوبًا عميقة في حياته.

الفيلم يحاول الدمج بين مفاهيم مثل الإدراك، والحلم، والهوية، في إطار يشبه أجواء أفلام مثل Inception، لكنه لا يرتقي بنفس المستوى في التنفيذ أو العمق. يدخل المشاهد إلى العوالم الذهنية للضحايا، حيث يعيشون واقعًا زائفًا يصمّمه الشيطان لإبقائهم مسجونين داخليًا. هذا المفهوم بحد ذاته مثير للاهتمام، لكنه لم يُستغل دراميًا بالشكل الكافي. بدلاً من أن تكون هذه العوالم فرصًا للكشف عن طبقات النفس البشرية، أصبحت مجرد خلفيات للمواجهة بين البطل والشيطان الذي يُعرف باسم “ماجي”.

آرون إكهارت قدّم أداءً جادًا ومليئًا بالغضب المكبوت، لكنه بدا أحيانًا محاصرًا بسيناريو لا يمنحه عمقًا حقيقيًا. مشاهد المواجهة تبدو مشوّقة في لحظاتها الأولى، لكنها تفقد زخمها سريعًا بسبب الحوارات التفسيرية المباشرة، والشخصيات الثانوية التي لا تملك ما يكفي من الحياة. الطفل الممسوس، الذي يؤدي دوره ديفيد مازوز، يُضفي على القصة شيئًا من القلق، لكنه لا يُمنح المساحة الكافية ليُصبح مركزًا دراميًا فاعلًا.

رغم الفكرة المبتكرة، إلا أن الفيلم يعاني من ضعف في الإخراج وسرعة في الإيقاع تمنعه من بناء التوتر الحقيقي الذي تتطلبه مثل هذه المواضيع. لا وجود للحظة رعب حقيقية، ولا لصورة تبقى عالقة في الذاكرة. النهاية جاءت متوقعة، أشبه بمحاولة إغلاق باب لم يُفتح بشكل جيد أصلًا. من حيث التأثير، يُمكن القول إن Incarnate فيلم تائه بين طموح الفكرة وتواضع التنفيذ.

هو عمل قد يثير فضول من يبحث عن شيء جديد في عالم طرد الأرواح، لكنه لن يُشبع توق من يبحث عن رعب حقيقي، أو عمق نفسي، أو حتى متعة بصرية متقنة. التجربة هنا أقرب إلى حلم غير مكتمل، ينطفئ قبل أن يصبح كابوسًا حقيقيًا.